فيديو يوثّق لحظة تنفيذ عملية طعن شمال رام الله وإسرائيل تفرض طوقاً مشدداً

فيديو يوثّق لحظة تنفيذ عملية طعن شمال رام الله وإسرائيل تفرض طوقاً مشدداً
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية

بثت منصات فلسطينية، اليوم الثلاثاء، تسجيل فيديو قصير التقط خلال لحظات مشحونة انتهت بعملية طعن نفذها شاب فلسطيني تجاه جنود إسرائيليين شمال مدينة رام الله بالضفة الغربية، المشهد الذي سرعان ما انتشر عبر مواقع التواصل أظهر ملامح توتر صامت سبق الثواني التي باغت فيها الشاب الجنود بسكين، قبل أن يسقط برصاصهم، وسلط الحادث الضوء على واقع الاحتكاك اليومي في الضفة الغربية، حيث تتقاطع نقاط التفتيش مع حياة الناس وطرقهم وقراراتهم.

بداية القصة

وفق ما أظهره التسجيل، اقترب الشاب محمد رسلان أسمر من مجموعة من الجنود الذين كانوا يخضعونه للتفتيش، بدا المشهد في لحظاته الأولى روتينيا كما هي عملية التفتيش اليومية التي تتكرر على عشرات الحواجز المنتشرة في محيط القرى والبلدات الفلسطينية، تبادل كلام قصير، حركة جانبية، ثم خلال لحظة أخرج الشاب سلاحه الأبيض ووجه ضرباته باتجاه الجنود، لم يستغرق كل ذلك أكثر من ثوان، لكنها كانت كافية لتحويل المشهد إلى اشتباك مباشر انتهى بإطلاق النار عليه، وفق شبكة "فلسطين أون لاين".

أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا أكد فيه وقوع العملية، موضحا أن جنديين أصيبا بجروح طفيفة نتيجة الطعن، وأنهما نُقلا إلى المستشفى لتلقي العلاج، وأعلن الجيش أن المنفذ قتل في المكان إثر إطلاق النار من الجنود الذين كانوا ينفذون عملية التفتيش، وهذا الاعتراف الرسمي زاد من وضوح الصورة التي بدأت عبر الفيديو، وأعطى تفاصيل إضافية حول اللحظات التي سبقت الهجوم.

رواية الجيش

قال الجيش إنه تلقى بلاغا حول وجود شخص مشتبَه به يقترب من مستوطنة عطيرت شمال رام الله، وذكر في بيانه أن كاميرات المراقبة الخاصة بالمستوطنة رصدت قدوم الشاب من جهة قرية بيت ريما باتجاه المستوطنة، ما استدعى إرسال قوة من المظليين التابعين للكتيبة مئة وواحد لاعتراضه.

عند وصول القوة، تم احتجاز الشاب بهدف التفتيش الأمني، وخلال هذا الإجراء، كما يقول الجيش، بادر الشاب إلى طعن جنديين قبل أن يرد الجنود بإطلاق النار عليه. وبعد دقائق من الحادث، بدأت حالة من الاستنفار في المنطقة المحيطة، مع فرض طوق أمني واسع على قرية عارورة والقرى المجاورة، إضافة إلى إقامة حواجز طارئة بحثا عن أي مشتبهين محتملين أو دافع للعملية.

يعد المحيط الممتد بين بلدتي أم صفا وعطارة شمال رام الله من المناطق التي تشهد في العادة حضورا عسكريا دائما لقوات الجيش الإسرائيلي، كونه يضم عددا من الطرق التي يستخدمها الجنود والمستوطنون، وتشهد المنطقة في السنوات الأخيرة تزايدا في الحواجز ونقاط التفتيش، ما يجعل الاحتكاك بين الفلسطينيين والجيش مسألة متكررة، ورغم أن الحواجز كثيرا ما تكون موقعا لحوادث توتر، فإن تنفيذ عملية أثناء التفتيش المباشر كما حدث في عطارة يعطي بعدا إضافيا لحالة الغضب التي تعيشها المنطقة، خصوصا بين الشباب.

لم يكن الفيديو مجرد توثيق للحظة عابرة، بل تحول خلال ساعات إلى مادة نقاش واسعة في الشارع الفلسطيني، إذ أظهر تفاصيل نادرا ما تُلتقط في عمليات مشابهة. 

انتشر التسجيل على منصات فلسطينية عديدة، وظهرت تعليقات تربط بين ما حدث وبين التصعيد العام في الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية، حيث تشهد المناطق الريفية القريبة من المستوطنات ازديادا في الاعتقالات والمواجهات وعمليات الدهم.

تداعيات على الأرض

بعد مرور وقت قصير على الإعلان عن العملية، بدأت القوات الإسرائيلية بتحصين محيط مستوطنة عطيرت عبر نصب نقاط تفتيش إضافية وإغلاق بعض الطرق الفرعية، وأفاد شهود عيان بأن الجيش أوقف عشرات المركبات الفلسطينية وأجرى عمليات تفتيش دقيقة، بينما شهدت بعض القرى القريبة انتشارا مكثفا للجنود.

مثل هذا الاستنفار عادة ما يمتد لساعات أو أيام تبعا لتقديرات الجيش حول احتمالات وجود مخططات أخرى، ويؤثر بشكل مباشر على قدرة السكان على التنقل والوصول إلى أعمالهم ومدارسهم.

في محيط رام الله كما في مناطق أخرى من الضفة الغربية، تصبح مثل هذه الأحداث جزءا من مشهد يومي تتكرر فيه المواجهات والاقتحامات، ومع كل حادثة جديدة، ترتفع مخاوف العائلات من تشديد الإجراءات الأمنية، إذ يؤدي إغلاق الطرق والحواجز الطارئة إلى تعطيل حياة الناس، وإبطاء حركة الإسعافات، وتأخير الطلاب والموظفين، وبالنسبة للقرى القريبة من مواقع العمليات، قد يعني الأمر ساعات طويلة من الحصار دون سابق إنذار.

تصاعد التوتر

تأتي عملية الطعن في سياق عام يشهد ارتفاعا في التوتر بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، حيث تسجل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء زيادة في الاحتكاكات، وارتفاعا في عدد الحوادث المسلحة، إضافة إلى توسع المستوطنات وتزايد عمليات الاقتحام، وينعكس هذا الواقع مباشرة على حياة السكان الذين يعيشون بين الحواجز والمداهمات اليومية.

ورغم أن البيانات العسكرية عادة ما تقدم رواية مختصرة تركز على الجوانب الأمنية، فإن مثل هذه الحوادث غالبا ما تفتح نقاشا أوسع حول أسباب الاحتقان بين الشباب الفلسطيني وحجم الضغوط التي يواجهونها على الأرض، ففي المناطق الريفية المحيطة بالمستوطنات، يواجه السكان قيودا قاسية على الحركة، إضافة إلى توترات مستمرة مع المستوطنين، وهو ما يشكل بيئة غير مستقرة تتسبب في اندلاع احتكاكات متكررة.

تقع معظم القرى المحيطة بمنطقة العملية ضمن ما يعرف بالمثلث الشمالي لمحافظة رام الله، وهي مناطق تتقاطع فيها الطرق المؤدية إلى المستوطنات مع الطرق التي يستخدمها السكان الفلسطينيون، منذ عام 1965 وحتى اليوم، أقيمت عشرات المستوطنات في المنطقة، وفرضت شبكات التفتيش والحواجز كجزء من السيطرة العسكرية، ويقطن هذه القرى عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين تعتمد حياتهم اليومية على طرق تتحكم فيها القوات الإسرائيلية، ما يجعل أي حادث أمني سببا مباشرا لتشديد غير متوقع قد يمتد لأيام، وتشير بيانات المؤسسات الحقوقية إلى أن الضفة الغربية شهدت خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا في المواجهات على الحواجز، حيث يتحول الاحتكاك اليومي أحيانا إلى انفجار مفاجئ، كما حدث في عملية الطعن الأخيرة قرب عطارة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية